إلغاء الكاميرات والميكروفونات في مقاهي الانترنت

إلغاء الكاميرات والميكروفونات في مقاهي الانترنت
2007-10-25


انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة مقاهي الانترنت في سورية بشكل كبير لتشمل كل المحافظات والمدن وحتى البلدات الصغيرة، لتتحول خلال فترة قياسية إلى إحدى وسائل الترفيه الأولى لعدد لا يستهان به من الشباب ممن يجدون في هذه المقاهي وسيلة للتعارف والتسلية وإمضاء الوقت والحصول على المعلومة، ولتغدو أيضاً أداة مثلى للمغتربين للتواصل مع ذويهم بالصوت والصورة عن طريق الكاميرات والمايكروفونات الموجودة داخل هذه المقاهي.

ولكن يبدو أن هذه الكاميرات والمايكروفونات لم يكتب لها العمر الطويل داخل حرم مقاهي الانترنت السورية فقد انخفض عددها بشكل ملحوظ بعد اتخاذ مؤسسة الاتصالات قراراً بإلغائها وفرض مخالفات على المتعاملين بها تصل إلى حد سحب الرخصة.
بعد تطبيق القرار جالت «الوطن» على بعض هذه المقاهي لترصد ردود الأفعال إزاء قرار المنع: «غسان» صاحب أحد مقاهي الانترنت في منطقة البرامكة قال: المشكلة في المقاهي لا تتوقف عند موضوع قطع الصوت أو الصورة فقط، بل إنها تتجلى في موضوع سرعة الدخول إلى الشبكة فمن المعقد جدا الحصول على سرعة فوق الواحد (ميغا) لأنها تتطلب الحصول على موافقة من وزير الاتصالات... والواحد( ميغا) لا تكفي بكل الأحوال لأنه في حال تعرضت الأجهزة لضغط معين يقوم الخط بالفصل وينقطع الانترنت.
ويحيل غسان المشكلة إلى جانب آخر، مشيرا إلى أن عدم وجود دارات (IDSL) أدى إلى تعقيد المشكلة مستغربا أن رخصة عمل المقهى استغرقت سنة وشهرين حتى صدرت وكانت رخصة صناعية لا علاقة لها بموضوع الانترنت.
أما بالنسبة للكاميرات – يضيف غسان- فلا يمكن أن تعمل بشكل نظامي في المحل لأنه إذا شغلت كاميرتان أو أكثر يصبح هناك ضغط كبير ويقطع الخط، وإلغاء الكاميرات خفف من رواد الانترنت لدرجة أننا فكرنا بإغلاق المحل.. كما إنه اتخذ قرار حتم علينا الإغلاق عند الثامنة وهذا القرار لم يراع موضوع فرق التوقيت وفي حال خولفنا ثلاث مرات يقفل المحل بالشمع الأحمر.
أما فادي «صاحب مقهى انترنت في منطقة الميدان»، فقد أكد أن موضوع إلغاء ميزتي الصوت والكاميرا لم يشمل كل مقاهي الانترنت الموجودة في مدينة دمشق وإنما اقتصر على عدد من المقاهي دون أخرى وتساءل عن السبب في اقتصار هذا القرار على مناطق معينة.
وتحدث عدد من مرتادي المقهى الذي يمتلكه فادي لـ«الوطن»، معبرين عن استغرابهم لصدور بعض القرارات التي يتوخى منها معالجة مسألة ما، في حين أنها تخلف العديد من الآثار السلبية على خدمة الانترنت برمتها.
فقد عبر أحمد الذي يرتاد مقهى فادي بانتظام عن استيائه من انخفاض عدد مرتادي المقاهي بعد إلغاء هاتين الميزتين في مقهاه وذكر أن هناك فئات كانت مستفيدة من هذه الميزة مثل الطلبة الجولانيين الذين كانوا يتصلون مع أهلهم عبر هذه الميزة.
بينما عبرت مها «طالبة جامعية» عن استيائها من انقطاع الخط أثناء تصفحها لمواقع الانترنت ولكن مشكلة الكاميرا لم تعن لها الكثير لأن من الممكن أن تذهب إلى المقاهي التي ما زالت فيها هذه الخدمة موجودة.
وذكر نادر، وهو أحد الطلاب العراقيين الموجودين في سورية، أنه أصبح يضطر لتغيير المقهى الذي كان يرتاده والذي كان قريبا من مكان إقامته كي يذهب إلى المقاهي المفعلة فيها الكاميرات والميكروفونات.
بينما رأى أسامة «أحد أصحاب مقاهي الانترنت» أنه خسر شابا كان يرتاد مقاه بعد إلغاء هذه الميزة، وأضاف: إن هذا الشاب كان أصمَّ وأبكمَ وكان يرتاد المقهى للتواصل مع أشخاص يعانون من نفس الحالة، كانوا يخاطبون أشخاصاً يعانون من حالة مرضية مشابهة.

ممنوع.. مسموح:
وللتأكد من كلام أصحاب المقاهي عن بقاء هذه الميزة مفعلة في بعض المناطق كالمزة مثلا اتجهنا إلى هناك ووجدنا أن معظم مقاهي هذه المنطقة مازالت تستخدم هاتين الميزتين وعندما سألنا عن موضوع المنع أجاب صاحب المقهى بكل بساطة بأنها ليست ممنوعة.
بينما رأى أحمد (أعمال حرة) أن قرار إلغاء الكاميرات هو غير مدروس لأنه أثر بشكل كبير على علاقاته مع الأشخاص الذين كان يتواصل معهم في الخارج ما أدى إلى عزوفه عن الذهاب إلى المقهى واقتناء كاميرا ومايك منزليين.

للمؤسسة مخاوفها
المؤسسة العامة للاتصالات كان لها رأي آخر في هذا الموضوع، فقد أكد توفيق رضوان رئيس دائرة الاستثمار الداخلي أن السبب الأساسي في إلغاء (المايك) والكاميرا يعود إلى أن توفير الاتصالات الصوتية عبر الانترنت هو خدمة غير مسموح بها وهناك مشروع قرار حتى تكون خدمة الـ (chat) مسموحة ولكن لم يصدر أي قرار رسمي حتى تاريخه لذلك فخدمة الصوت عبر الانترنت غير نظامية وكل الأدوات المتعلقة بذلك ممنوعة.
كما أن هناك تخوفا من موضوع تهريب الاتصالات الذي سيتسبب في النهاية بخسائر فادحة للمؤسسة حيث إن المستخدم لن يقوم بدفع أجور مكالمات عادية. والكاميرا كأداة بحد ذاتها ليست مخالفة وإنما استخدامها بهذه الطريقة هو المخالف وفي البداية كانت الاتصالات تتم من PDN إلى PDN وكانت مسموحة ولكننا وجدنا أنها تستخدم لأغراض الاتصالات الدولية ولذلك منعت وذلك من أجل عدم حصول فوات عائدات على المؤسسة.
وعن وجود الكاميرات والمايك في مناطق دون أخرى قال رضوان إن وجود المخالفات لا يلغي الأنظمة والقوانين وإن هناك لجان مخالفات في كل المحافظات لضبط هذا الموضوع وإن اتساع المساحة وتعدد المقاهي يمكن أن يتسبب في وجود بعض المخالفات.
وبالنسبة للحالات الإنسانية التي كانت تستفيد من الخدمة قال: المؤسسة لا تستطيع فقط الأخذ بالحالة الإنسانية لأنها مؤسسة خدمية وذات طابع اقتصادي ومطلوب منها رفد خزينة الدولة بالإيرادات وحتى أصحاب المقاهي الذين يتكلمون عن الحالات الإنسانية هم برأيي لا تعنيهم تلك الحالات بشكل كبير وإنما ما يهمهم هو الملايين التي سيجنونها من تطبيق هذه المخالفات.




الوطن السورية