من أجل معالجة هذا الموضوع, هناك خطوط عريضة ينبغي أن تسير بموجبها مهمة الإعلام الجنسي: منها, الانتباه إلى أسئلة الولد, إذ ينبغي أن يصغي الوالدان إلى الأسئلة التي يطرحها الولد عن الموضوع. وقد تأتي هذه الأسئلة تلقائيا أو تبرز لدى الولد نتيجة سماعه لعبارة لم يفهم معناها أو خبر لم يستوعب مضمونه. المهم أن نوجد المناخ المناسب الذي يسمح للولد بطرح أسئلة, متبعين تطورها ومواكبين لها, بحيث يأتي إعلامنا منسجما في كل مرة مع حاجة الولد وهاجسه
أما طريقة الإجابة, فهي أن ننطلق قدر الامكان من تصورات الطفل, وأن نتعامل مع هذه التصورات لنوضحها ونبلورها ونكملها. فالولد يحدس بالفطرة بعض ما يتعلق بالجنس. كما أن ملاحظاته الشخصية واستنتاجاته تسمح له بإدراك بعض نواحي الموضوع. فيستحسن عندما يطرح الولد سؤاله علينا, أن نسأله بدورنا ماذا يتصور هو عن الموضوع. فإذا أفصح عما يراود ذهنه من تصورات, انطلقنا منها معه مستدرجين إياه إلى مزيد من التفكير والتحليل
وينبغي على الوالدين أن يعتمدا في الإعلام الجنسي النبرة العادية التي يستخدمانها في أي إعلام آخر, وذلك كي يشعر الولد, من خلال لهجتهما نفسها أن مجال الجنس إنما يندرج في واقع الحياة الطبيعية. كما أن الإعلام الجنسي العائلي ينبغي ألا يقتصر على مجرد المعلومات التشريحية والفيزيولوجية ففضول الولد يتعدى مجرد الفضول النظري إلى فضول حياتي, كياني. إن التعامل الحر السليم مع الجنس يقتضي أن يتحدث الأهل ببساطة عن الخبرة الانفعالية التي ترافق الجنس وتكون بعدا أساسياً من أبعاده
وثمة خطأ قد يرتكب بشأن الإعلام الجنسي العائلي, ألا وهو الاعتقاد بأن المعلومات اللازمة تعطى كلها دفعة واحدة وينتهي الأمر. إن هذا التصرف يتجاهل خصائص الولد ومقتضيات نموه وقواعد تعلمه. فالمعلومات ينبغي تكرارها أمام الولد بأشكال متعددة وعلى مستويات متفاوتة كي تترسخ في ذهنه ويتم له تدريجيا حفظها واستيعابها بحيث يتطور إدراكه لها بما يتواكب مع نمو عقله ومعرفته. فعلى الراشد ألا يتوهم أن الشروحات التي أعطاها مرة للولد إنما هي كافية, فما أدركه الولد في هذه المرة يدركه بشكل ناقص ثم ينساه, فعلى الوالدين أن يعيدا الشرح وأن يتابعا باستمرار وضع النقاط على الحروف استنادا إلى ما يلمسانه من حاجة الولد عبر الحوار معه, حيث إن نمو الولد يستدعي في كل مرحلة عودة إلى الموضوع تتناسب مع المستوى الأرقى الذي بلغه عقله
ولا ننسى أهمية الجو الذي ينبغي أن يتم فيه الإعلام الجنسي العائلي, حيث إن المناخ الحواري بين الوالدين والأولاد هو شرط أساسي من شروط التربية الجنسية الصحيحة, وهو كفيل بحد ذاته بأن يساعد هؤلاء على السير في طريق العلاقة الناضجة التي هي مقياس للممارسة الجنسية المكتملة. وهي مقياس لكل سلوك إنساني أصيل. من نافلة القول إن التربية الجنسية لا يمكن بحال من الأحوال أن تقتصر على الإعلام (Information) إنما ينبغي أن ترافق هذا الأخير تنشئة (formation). والتنشئة هذه لا تقوم على قمع طاقة الحب في الولد, عبر قمع النزعة الجنسية فيه, كما هو شائع في التربية التقليدية, إنما تقوم على تنمية هذه الطاقة, لأن التنمية كفيلة بحد ذاتها بضبط الجنس وبتهذيبه وفقاً للمتطلبات الإنسانية
منقول