من أمراض الأسرة...البخل

لا ترتقي صدقة في الاسلام الى مستوى الانفاق على الاسرة، مصداق ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم (افضل دينار ينفقه الرجل على عياله، ثم على نفسه، ثم في سبيل الله، ثم على اصحابه في سبيل الله). فعلى المسلم ان يستشعر انه يتقرب الى الله بالانفاق على عياله، وهو اعلى درجة من المنفق على الجهاد في سبيل الله الذي له منزلة عظيمة في الدين، فانظر وتخيل الاجر العظيم الذي اعده الله للزوج المنفق.
والذي اوجب هذا الأجر الكبير ان الانفاق على العيال من باب الواجب، لكن اكثر الانفاق في سبيل الله يكون من باب المستحب والمندوب، ومما قررته الشريعة ان اعظم الاجر ما كان في الواجب لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه (وما تقرب الي عبد احب مما اقترضته عليه).
وبالمقابل يكون المضيع لاسرته بعدم الانفاق عليها اعظم مضيع في الاسلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت) فهو بذلك يضيع أسرة بكاملها قد وكله الله على حفظها والإنفاق عليها مع قدرته عليه وعنده المال الوفير، وليس له حجة في منع النفقة، اللهم إلا لمرض في قلبه أو لعلة في اخلاقه.
هذا هو مرض البخل الذي استعاذ منه النبي عليه الصلاة والسلام، والتجأ الى الله الا يصيبه به فقال: «اللهم إني اعوذ بك من الجبن والبخل) فالجبن حبس النفس عن بذلها إذا اقتضى الامر، والبخل هو حبس المال عن بذله حينما يكون البذل واجباً، فإذا كان الموقف لا يستلزم الانفاق لهما إلزاماً شرعياً لا يسمى بخلاً.
وبذلك ندرك ان الانفاق الواجب على الاسرة ما كان في نطاق الانفاق على الامور الضرورية اما اذا كان الامتناع عن بذل على الترفيه والتنزه وانواع الطعام واضافة التي تعد من باب الرفاهية فليس من البخل في شيء، بل يكون ذلك محموداً يدخل في باب التدبير الحسن.
ان المقياس الصحيح والحد الفاصل لما بين البخل والتدبير يرجع الى عرف الناس وتعاملهم، فلكل عصر مقياسه، ولكل بلد مقياس، فما يكون هنا يدخل في باب الضروريات يكون في مكان اخر من الترفيهات، فيعد الأول بخيلاً لمنعه الضروريات، ويكون الثاني مدبراً للترفع عن الترفيه الزائد المذموم.
والمقياس الآخر هو دخل الفرد الشهري، فالواجب على الأسرة وخاصة الزوجة ان تلاحظ هذه الناحية بدقة وألا تطلق لسانها بالاتهام، وأن تشيع بين الناس الأكاذيب حول زوجها لأنه لم يستطع أن يلبي كل رغباتها وما تشتهي نفسها، لكنها هي الملومة، فقد قاست نفسها بغيرها من اخواتها او صديقاتها، مع ان دخل هذا يختلف عن غيره، والأرزاق مكتوبة على ابن آدم، فغياب هذه الحقيقة عن الاسرة يصيب العلاقة فيها بالخلل، فهي تقول: هو بخيل، وهو يقول: هي مبذرة.
فإذا ما حكم العاقلون على الزوج بأنه بخيل يقتر على عياله فيما هو ضروري لحياتهم جاز للزوجة ان ترفع قضيتها للحاكم كما فعلت هند لما جاءت الى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان ابا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني وولدي ما يكفيني الا ما اخذت من ماله وهو لا يعلم فقال عليه الصلاة والسلام (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) فكان النبي عليه الصلاة والسلام تحقق من بخل ابي سفيان وأجاز لها ان تأخذ من ماله، فالبخل بلاء على الاسرة واي بلاء

منقول

جزاك الله كل خير اخي مالك
مشكوووووووووووووور كتير