حوار اجريته مع راقصة ... بقلم قتيبة

الموضوع منقول المصدر:http://shabablek.com/vb/showthread.php?t=23285&page=2

الراقصة التي سكنت حديثاً في حيّنا ، قلبت موازين الحي ..
و للحق أقول أنها رائعة الجمال ( جمال الجسد طبعاً ، فلديها مقدمات ومؤخرات فتّاكة
كما قال لي أحدهم تستطيع بنهديها أن تفعل ما تعجز عنه الجيوش العربية )
المهم أنها سكنت في شقة من البناء الذي أسكنه ، وفور انتقال الخبر كالنار في
الهشيم ، استنفر من في الحي جميعاً :
الصبية أصبحوا يتحلّقون حولها كلما أتت أو ذهبت ، فهي سخية جداً معهم
و يحبونها كثيراً فهم لا يرونها إلا تحمل أكياس الحلوى و الألعاب تعطي هذا
وتمسح على رأس هذا والابتسامة لا تفارق وجهها .
أما المراهقون فهم الأكثر أملاً وعملاً ، انقسموا إلى فئات ( شلل ) و توزعوا
الأماكن الاستراتيجية في الحي ، فئة استلمت سطح البناء المطل على بيت
الراقصة كي يروها عندما تأتي نحو بزوغ الشمس إلى بيتها ويتمتعوا برؤيتها
تغير ملابسها ، وفئة استلمت ذات السطح ولكن بدوام مختلف ، كان دوامهم
يبدأ في الخامسة مساءً قبل أن تغادر الراقصة بيتها .
وفئة تولّت ترك الورود أو الرسائل على بابها أو على سيارتها
وفجأة أصبحت أرى الكثير من النواظير في الحي فقلت في نفسي لعل تجارة
العدسات المكبرة تشهد ازدهاراً في بلدنا فالحمد لله .
أما الرجال فكان أكثر المستفيدين منهم هو بقّال الحارة ، فالغريب أن نصف رجال
الحارة أصبحوا يحبون البقّال ، و أكثر ما يحبون هو شراء المرطبات وشربها
أمام دكان البقال ، ليس هذا غريباً إنما لماذا كلهم يأتون في وقت واحد
هو بالطبع وقت مرور الراقصة ، فينظرون بأطراف العيون إنما بدقة الصقور ويهزون
رؤوسهم على أساس أنهم يتابعون حديثهم باهتمام ، و أشك أن أحدهم يصغي
لما يقوله الآخر وذلك لأن الذي يتحدث هو أيضاً عندما يرى الراقصة ، تتداخل
جمله ومفرداته ببعضها البعض ويقول : هل تفهم عليّ أبو فلان ... وأين أبو فلان
الحقيقة أنني الآن فقط أدرك جهود وزارة السياحة في تحريك الاقتصاد الوطني .

للموضوع تتمة ..

أما الناس الطيبون في الحي ، استعملوا صيغة الحلال والحرام والعيب لكي
يجدوا مبرراً للحديث عن الراقصة وسماع آخر أخبارها .
والنسوة ، هناك من خافت على زوجها ،وهناك من خافت على ابنها الشاب
من الانحراف ، و هناك من اهتمت برؤية الراقصة أكثر من الرجال .
و أخيراً وجدن النسوة حديثاً يلوكوه في منتدياتهم التي يعقدنها
كل أسبوع وأصبح المنتدى يعقد كل يومين بسبب الوضع الطارئ .
وجاءت مقررات المنتدى عربية صرفة ، فقد قررن أولاً مقاطعة الراقصة وعدم
التعاطي معها بأي شكل من الأشكال ، ثانياً عليهن دفع أزواجهن للاجتماع
و التحدث مع الراقصة كي ترحل عن الحي .
أما أنا فلا أنكر أن الدوامة جذبتني أيضاً ، و أكثر ما أثار اهتمامي هو فضولي
الشديد كي أتحدث مع الراقصة ، فلم يسبق لي مثل هذا الأمر
أريد أن أعرف كيف تفكر وكيف تنظر للحياة ، وهل هي سعيدة
كانت أسئلة كثيرة تجول في خاطري ، لكن كيف السبيل للحديث معها
فإذا رآني أحد الجيران أتحدث إليها ستكون كارثة و لا أعجب إذا سرت
شائعة أني أب لعشرة أطفال من الراقصة .
قابلت الراقصة عدة مرات على الدرج ، بعض هذه المرات كان صدفة و أكثرها
كان عن قصد ، وفي كل مرة كنت أتردد في الحديث و أكتفي بإلقاء التحية
عليها .
و أخيراً تجرأت على الحديث معها وقد شجعني على ذلك وجهها الباسم
قلت لها : أريد الحديث معك ولكني أخشى أن تفهميني بشكل خاطىء
ــ يكفي أن تنظر في عيني فقط و أنت تتحدث حتى لا أفهمك على غير ما تريد
ــ حسنا .. أريد إجراء حوار معك
ــ هل أنت صحفي ؟
ــ لا
ــ لماذا إذاً تريد إجراء حوار معي ، هل أنا شخصية مهمة لهذه الدرجة ؟
ــ بصراحة الفضول ، الفضول هو خير إجابة
ــ حسناً ، وكيف تريد أن يكون الحوار ، هل تريد أن تأتي إلى بيتي مثلاً ؟
ــ معاذ الله (( خرجت هذه العبارة مني دون قصد ولم أستطع لجمها ))
ــ يبدو أنك حقاً تريد الحديث فقط ، اختر المكان و أنا جاهزة ، ولكن ليكن
وقت اللقاء في الصباح ، فأنا أعمل مساءً كما تعلم .
ــ هل يناسبك أن نلتقي غداً في الساعة التاسعة و نتمشى في منتزه ..
ــ حسناً ، إلى اللقاء غداً إذاً .
ــ هل لي أن أطلب منك أيضاً أن ترتدي ثياب لا تلفت الانتباه ؟
ــ أفهمك .. موافقة .
ــ أشكرك لسعة صدرك ، غداً موعدنا ، وداعاً ..
ــ وداعاً ..

للموضوع تتمة ..

أما الناس الطيبون في الحي ، استعملوا صيغة الحلال والحرام والعيب لكي
يجدوا مبرراً للحديث عن الراقصة وسماع آخر أخبارها .
والنسوة ، هناك من خافت على زوجها ،وهناك من خافت على ابنها الشاب
من الانحراف ، و هناك من اهتمت برؤية الراقصة أكثر من الرجال .
و أخيراً وجدن النسوة حديثاً يلوكوه في منتدياتهم التي يعقدنها
كل أسبوع وأصبح المنتدى يعقد كل يومين بسبب الوضع الطارئ .
وجاءت مقررات المنتدى عربية صرفة ، فقد قررن أولاً مقاطعة الراقصة وعدم
التعاطي معها بأي شكل من الأشكال ، ثانياً عليهن دفع أزواجهن للاجتماع
و التحدث مع الراقصة كي ترحل عن الحي .
أما أنا فلا أنكر أن الدوامة جذبتني أيضاً ، و أكثر ما أثار اهتمامي هو فضولي
الشديد كي أتحدث مع الراقصة ، فلم يسبق لي مثل هذا الأمر
أريد أن أعرف كيف تفكر وكيف تنظر للحياة ، وهل هي سعيدة
كانت أسئلة كثيرة تجول في خاطري ، لكن كيف السبيل للحديث معها
فإذا رآني أحد الجيران أتحدث إليها ستكون كارثة و لا أعجب إذا سرت
شائعة أني أب لعشرة أطفال من الراقصة .
قابلت الراقصة عدة مرات على الدرج ، بعض هذه المرات كان صدفة و أكثرها
كان عن قصد ، وفي كل مرة كنت أتردد في الحديث و أكتفي بإلقاء التحية
عليها .
و أخيراً تجرأت على الحديث معها وقد شجعني على ذلك وجهها الباسم
قلت لها : أريد الحديث معك ولكني أخشى أن تفهميني بشكل خاطىء
ــ يكفي أن تنظر في عيني فقط و أنت تتحدث حتى لا أفهمك على غير ما تريد
ــ حسنا .. أريد إجراء حوار معك
ــ هل أنت صحفي ؟
ــ لا
ــ لماذا إذاً تريد إجراء حوار معي ، هل أنا شخصية مهمة لهذه الدرجة ؟
ــ بصراحة الفضول ، الفضول هو خير إجابة
ــ حسناً ، وكيف تريد أن يكون الحوار ، هل تريد أن تأتي إلى بيتي مثلاً ؟
ــ معاذ الله (( خرجت هذه العبارة مني دون قصد ولم أستطع لجمها ))
ــ يبدو أنك حقاً تريد الحديث فقط ، اختر المكان و أنا جاهزة ، ولكن ليكن
وقت اللقاء في الصباح ، فأنا أعمل مساءً كما تعلم .
ــ هل يناسبك أن نلتقي غداً في الساعة التاسعة و نتمشى في منتزه ..
ــ حسناً ، إلى اللقاء غداً إذاً .
ــ هل لي أن أطلب منك أيضاً أن ترتدي ثياب لا تلفت الانتباه ؟
ــ أفهمك .. موافقة .
ــ أشكرك لسعة صدرك ، غداً موعدنا ، وداعاً ..
ــ وداعاً ..

للموضوع تتمة ..

عندما أجابت بهذا السؤال ، شعرت بأنهار من الأدرينالين تتدفّق في عروقي
(( الأدرينالين وليس التوسترون )) وقلت :
ــ نعم هذا ما قصدت .
ــ الرقص هو مهنتي الوحيدة ، أما الجنس فيكون مقابل الحب فقط
أمارسه مع الشخص الذي أود الشعور معه بالسعادة .
ــ وهل دائماً مقابل السعادة يكون ذلك ؟
ــ لا ، فأحياناً يجبرني عليه بعض الرجال المتنفّذين الذين يحصلون على
ما يريدون بأي طريقة .
ــ وهل يزعجك هذا ؟
ــ أحياناً ، لأن بعضهم يطلب مني أشياء مقرفة أفعلها له
ــ لا أريد أن أسمع عن هذه الأشياء ، ولكن مقابل السعادة أنت تمارسين
الجنس مع أكثر من شخص أليس كذلك ؟
ــ نعم ، فعلاقتي مع الرجال لا تدوم طويلاً ، فمهما كان الرجل محباً لي
فلا يستطيع التخلي عن فكرة أنني راقصة .
ــ إذن ، لم تسنح لك فرصة للارتباط بشخص ما ؟
ــ بلى ، هناك شاب عرض عليّ مرّة الزواج به كي يكون مدير أعمالي
لكنني رفضت ذلك ، لأنه كان يريد أن يكون قوّاداً لي وليس زوجاً .
ــ هل تحدثيني عن نشأتك ؟
ــ أنا فتاة قرية من عائلة بسيطة ، وكلمة بسيطة تقال فقط لتخفيف كلمة
فقيرة ، المهم .. كان والدي رجل مقاهي يأتي غالباً وهو سكران
أما والدتي فكانت متزوجة من قدح المتّة والذهاب لزيارة الجارات
ولي أخ و أخت أصغر منّي ، أما أنا فكنت الكبرى بين إخوتي والأكثر إدراكاً .
ــ وما الذي أخرجك من قريتك ؟
ــ كانت البداية عندما دخلت المرحلة الإعدادية في المدرسة ، وبدأت أنتبه
للصبية كيف ينظرون إليّ نظرات غدت مختلفة ، وكنت عندما أقف أمام المرآة
وخاصة عندما أكون عارية أرى ثورة التحوّل تطغى على جسدي ، وبدأت أدرك
الثروة التي أملك ، ولم أشأ لهذه الثروة أن يكون مصيرها كمصير والدتي
ومرّت الأيام وكنت كلما رأيت الإعجاب بي يزداد ، يزداد شعوري بأن ما أملك
يجب أن يمنحني السعادة ، وفي يوم من أيام الصيف كنت أتمشّى بالقرب
من بيت فخم كان مالكوه يأتون إليه بضعة أيام من الصيف ، ورأيت في حديقته
فتاة تقارب عمري ، كانت الفتاة ترتدي ثياباً لم أكن أراها سوى في المسلسلات
وكانت تجلس على أرجوحة جميلة تهزّ رجليها بسعادة غمرتني بالتعاسة
عدت أدراجي أندب حظّي على ما أعطانيه القدر ، وعلمت حينها نوع السعادة
التي أريد ، وأن هذه السعادة لا يمكن أن أنالها في هذه القرية البائسة .
وعلى طريق عودتي رأيت شاباً وسيماً كان له الدور الأكبر في ما أن عليه اليوم ..

للموضوع تتمّة ..

لم أكن أعرف هذا الشاب الذي بدأ الحديث معي وكأنه يعرفني سابقاً
وبدأ حديثاً غريباً لم أسمعه من قبل ، حدّثني عن الوجود والحرّية التي تقيّدها
مفاهيم مجتمعنا المتخلّف التي تجعل المرء نسخة طبق الأصل عن والديه
وعن المرأة التي حولّها الشرق إلى كائن مسلوب الرأي وربطها بغشاء حقير
في جسدها ، وجود هذا الغشاء يعني أنها تستحق أن شرف أن تكون عبدة
تحت قدمي الرجل الذي يقرر شراءها أما إذا فقدت هذا الغشاء فتستحق القتل .
و تحدّث عن الدين الذي هو من اختراع الضعفاء الذين لا يستطيعون استرداد
حقوقهم السليبة ويريدون إلهاً يعاقب عنهم من ظلمهم و يريدون الحياة بعد الموت
لأنهم لا يستطيعون أن ينتزعوا حياتهم بالقوة ، وقال أن الجنّة ما هي إلا هروب من أحلام
على الأرض لا يستطيع الفقراء حتى أن يحلموا بها .
وكان في كل كلمة يقولها يسحرني ويطلق يديّ من القيد ، وشعرت في نهاية حديثه
أنني ولدت الآن ولم يكن منّي سوى أن وهبته جسدي مكافأةً له على الحرية التي
قدّمها لي .
علمت فيما بعد أنّ هذا الفكر يسمّى الشيوعيّة ، والغريب في الأمر أن هذا الشاب
لم يرضى الزواج إلا من فتاة محتجبة ويخاف عليها من عيونها إذا نظرت إليها
ولكم أتمنى لزوجته أن تنال الحريّة التي أعطانيها هذا السافل .
بعد أن فقدت عذريتي أصبح طريقي واضح المعالم ، وفي يوم حزمت أمتعتي وغادرت
القرية ، ولا تتخيل كم ثعبان استقبلني في العاصمة ، وتنقّلت من مكان لآخر ومن
سرير لآخر حتى استقرّ وضعي في مرقص ، وبدأت شيئاً فشيئاً أتحكّم في حياتي
وأنا الآن كما تراني ، راقصة محترمة .
ــ وكيف هي حياتك الآن ؟
ــ أرقص للمساطيل الذين يجلسون خلف طاولات السكر والعربدة .
محاطة بألف رجل بحركة من إصبعي يهبطون ويعلون كموج البحر ، ألف رجل يدفعون
حياتهم لينالوا شهوتهم التي تنقضي سريعاً فيهربون وتتجدّد سريعاً فيعودون .
وعندما أمرض فألف باقة ورد تهدى لجسدي وليس زهرة واحدة تهدى لقلبي .
.................................................. .................................................. ....................