مطاردة بالدراجات النارية

كثيرة هي الحكايات التي تدور حول الدراجات النارية التي كثرت في بلدنا بشكل يستدعي التدخل السريع لحل المشاكل الكبيرة المترتبة على وجودها.. فإن كان وجودها في الريف والجرود ضرورة حياتية لأنها وسيلة النقل الوحيدة..

فإن وجودها في المدينة وفي القرى القريبة منها بات مشكلة حقيقية تستدعي التدخل السريع لحلها.. وتنظيم أوقات السماح بمرورها والتزامها بالإشارات الضوئية وما إلى ذلك من قوانين المرور السارية.. هذا بالنسبة للدراجات النارية النظامية المسجّلة والتي تحمل لوحات تسجيل وسائقها لديه رخصة سوق نظامية أيضاً.. أما بالنسبة للدراجات النارية غير النظامية التي تدخل تهريباً أو تشترى من محلات البيع الموجودة بكثرة في محافظتنا وغيرها.. وتشترى أحياناً بالتقسيط المريح جداً.. وتستخدم دون تسجيلها نظامياً أو حتى أن سائقها لا يملك شهادة سوق نظامية لهذا النوع من المركبات... فهي تحتاج لجهد أكبر.
وبين الفينة والأخرى نسمع عن حملات لضبط هذه الدراجات ومصادرتها ولأن ثمنها مرتفع جداً أو أن سائقها لم يكمل بعد أقساطها فيلجأ إلى الهروب أو استعمال الشوارع الخلفية كي لا يمر أمام تلك الدوريات.. ريثما تنتهي تلك الحملة وتعود الأمور إلى سابق عهدها.. وبعد فترة نسمع عن حملة أخرى.. وهكذا دواليك.. فتكبر المشكلة ويصبح حلّها أصعب من السابق.. ولكن من المحزن أن تنتهي إحدى تلك الحملات بحوادث دامية يذهب ضحيتها شبّان بعمر الورود كما هو الحال في القصة التالية..
(م) و(م) بحاران شابان من حي المشروع السادس بطرطوس عادا إلى الوطن مؤخراً وينتظران الإبحار مرة أخرى ولأن اللغة مهمة في عملهما سجّلا نفسيهما في معهد اللغات في حي العجمي.. وكغيرهما من الشبان ركبا الدراجة النارية التي يملكها أحدهما وهي للأسف غير منمّرة.. وأثناء الطريق وقبل وصولهما بقليل اعترضتهما دراجة نارية أخرى وغير «منمّرة» عرفنا بعدها أن سائقيها هما من عناصر مدرسة مخفر طرطوس الشرقي.. وبعد مطاردة وبالقرب من مدرسة- كما أكد الجميع وقعت الكارثة- اصطدمت دراجة الطالبين بجذع شجرة على الرصيف.. توفي الأول ودخل الثاني إلى المستشفى في حالة غياب عن الوعي..
الشهود أكدوا أن هذين «الشرطيين» اعتادا مطاردة الدراجات في هذا الحي.. وشهادة أحدهما مثبتة في المحضر في فرع المرور بطرطوس.. والسؤال الذي يسأله أهل الجريح وذوو المتوفى: هل يجوز أن يطارد عناصر الشرطة الدراجات النارية في المدينة؟ وهل يحق لعناصر الشرطة المطاردة بدراجة غير نظامية أيضاً..؟! وخارج أوقات مهمتهم كما يقول أهل المصاب؟ والسؤال الجوهري هنا.. هل الحل لمشكلة الدراجات النارية هي مطاردتها في شوارع المدينة؟! أو بالقرب من مدرسة كما هو في الحادث السابق!! ويبدو أن القدر هو من خفف حجم الخسائر.
وفي الختام
عرفنا أن هذه القضية الآن تحت سقف القضاء حيث تمت إحالة (الشرطيين) أصولاً.... وبخصوص الدراجات النارية بشكل عام أعتقد أن هذه المشكلة باتت تشكل خطراً حقيقياً ومطلوب حلها بشكل يضمن حقوق الجميع وليس مطاردتهم في الشوارع.. لأن أرواح الجميع غالية وتستحق منا كل الحرص والاهتمام.. وكذلك ممتلكاتهم.. هي الأخرى غالية..

الوطن