ليلى الفتاة التي لم يمنعها مرضها المزمن من مزاولة الدراسة والنجاح فيها لم يكن مرض السل عائقا أمامها لكي تكون دائما الفتاة الضاحكة المبتسمة الفتاة الأكثر أناقة وأنوثة , كانت ليلى تدرس في الجامعة ولكثرة حبها في الحياة تخصصت في الفنون الجميلة كانت تلون الطبيعة بألوان الفرح والحب الكل كان يحب ليلى لأنها تسعى دائما لان تسعد الجميع حتى ولو كان الحزن يتغلغل في شرايين قلبها .
وفي هذا اليوم الذي كانت فيه ليلى في طريقها إلى بيت صديقتها مرت لأحد محلات الملابس لاشتراء غرض ما ولما دخلت للمحل كانت كالعادة تنشر ضحكة على الجميع وبطبيعتها الحلوة تجعل كل من في ذلك المحل مشدود الانتباه لهذه الفتاة الخفيفة الدم والرائعة ومع هذا تفرض احترامها وهذا ما شد انتباه شاب كان يقف مع صاحب المحل الذي كان يعرف ليلى جيدا ويكن لها الاحترام لأنها كانت زبونة دائمة له ولما خرجت ليلى من ذلك المحل , اقترب ياسين صاحب المحل من صاحبه الذي كان اسمه خالد وقال له :ماذا هل أعجبتك ليلى , رد خالد : اسمها ليلى... اسمها رائع .ولكن لا اعرف لماذا هذه الفتاة شدت انتباهي , ولما تابعتها بنظراتي أحسست أنها انتبهت وخجلت مني مع أنها كانت تضحك وترى فيها حركات خفة البنات الغير العادية , ورغم هذا أعجبتني.
وفي هذه الأحيان كانت ليلى تكمل طريقها لمنزل صديقتها والشيء الغريب في الموضوع إن ليلى كانت تمشي في الطريق وهي مغيبة كانت حقا تفكر في ذلك الشاب الذي كان يتابعها بنظراته الغريبة التي أحست منها أنها لم تكن مثل نظرات الشباب الذين تقابلهم يوميا سواء في الشارع أو من كانوا يدرسون معها لم تفكر يوما في شاب قد نظر لها بنظرات خاطفة كانت تحس دائما أن هذا العالم بين يديها ولكي لا تحس بالضعف وتيأس ويتفاقم عليها المرض , لأنها ترى حكايات البنات التي تنتهي معظمها بالفشل والدمار العاطفي والحزن والأسى وهي تعلم أن مثل هذه الحالات سوف تفقدها فرحتها وبسمتها .
وصلت ليلى لمنزل صديقتها ولكنها لم تستطع إخفاء تلك الأحاسيس الغريبة , ومع إصرار صديقتها لان تخرج من قلبها ما يربكها وما يجعلها على غير عادتها , تكلمت ليلى وقالت ما لم يتعوده منها صديقاتها , كانت صديقة ليلى مستغربة تماما من كلام ليلى ولكنها لم تجد ما تقوله لها إلا أنها سوف تذهب معها غدا لهذا المحل وترى هذا الشاب الذي قلب كيان ليلى , وحقا في الغد وقبل ذهابهما إلى الجامعة مرت ليلى وصديقتها لذلك المحل وبالفعل كان خالد هناك ولما دخلت سلم عليها صباح الخير ليلى فاستغربت الفتاتين , وأطرد خالد معرفا بنفسه: أنا خالد صديق ياسين وهو خرج عنده موعد وسيعود بعد قليل وعلى العموم هو الذي قال لي من أنت .تفضلا ....أكمل الفتاتين ما جاءا لأجله وخرجتا مذهولتين.
ومن ذلك اليوم أصبحت ليلى تذهب لذلك المحل كثيرا وتعرفت على خالد أكثر ولكنها وجدت نفسها متوجهة نحوه بمشاعر حب , وهذا ما جعلها تخرج من ذلك المحل كل مرة وهي مقطعة تماما في تفكيرها هل أحبها خالد كما أحبته أم لا.
وفي ذات يوم دخلت ليلى للمحل وجدت خالد مع فتاة أخرى يتحدثان أما ياسين فكان يقف بعيدا عنهما لاستقبال الزبائن ,اعتبرت الأمر عاديا لأن انصرفت الفتاة وخرج خالد ورائها على غير عادته ووجهه يبعث للاستياء وهذا ما أدى بليلى لسؤال ياسين على الفتاة التي كان يقف معها خالد, فأجابها بأنها الفتاة التي أحبها خالد في أول بداية دراسته بالثانوية وهي أول حب له وقد عاش معها طوال سنوات الدراسة ولكنها في العام الأخير من الدراسة الثانوية تعرفت بأحد الشباب الأكثر مالا لأنها مادية وتعبد المال , وتبعت مصلحتها وتركت خالد يتعذب حتى انه رسب في امتحان الباكالوريا ومن ذلك الوقت ابتعد عن الدراسة واتجه لعالم العمل لتحقيق أحلامها مع أنها باعته ولم تسأل عنه واليوم لما خسرت علاقتها بذلك الشاب تعود لخالد والمسكين أظنه مازال يحبها. تقول ليلى لياسين: مسكين خالد , وهذا ما جعل ياسين يقول ليلى كل ما قاله خالد له عنها وكل مشاعره,وبينما هما في خضم هذا الحديث عاد خالد توجه نحو ليلى وهو يقول: أنا آسف لأني لم أسلم عليك قبل قليل ,أريد أن أحادثك قليلا ,قبلت ليلى وأخذا جانبا للحديث بدأ خالد يقول: ليلى أريد أن أسألك بصراحة هل انزعجت لما وجدتني واقفا مع تلك الفتاة, أجابت ليلى :لا , ولكن أريد أن اطمأن عليك لأنك خرجت وأنت مستاء هذا فقط .قال خالد: ليلى كنت تراقبينني؟(قال هذا وهو يبتسم) واطرد:شكرا على اهتمامك ,ليلى أريد أن أقول لك أن هذه الفتاة....أوقفته قائلة لتبرر أي شيء وعلى العموم ياسين قال لي كل شيء عن تلك الفتاة وهي التي خسرت في النهاية وأنت لن تعود لها ..صح....
كلام ليلى جعل خالد يقول لها :ليلى صدقيني أنا لن أعود لها ..ليلى...ليلى..
قاطعته:ماذا تود أن تقول يا خالد أنا يجب أن أذهب الآن.
يقول خالد:أنا آسف ليلى كنت ..كنت أود..ليلى ..تأخر الوقت ويجب أن تذهبي الآن
تقول ليلى إذن إلى اللقاء’غدا سأمر عليك وأرى أحوالك.
يقول خالد:شكرا.
خرجت ليلى من المحل وهي تحس أن مرضها اختفى من جسدها وكأن خالد اعترف لها بأنه يحبها.ذهبت للجامعة , وعاشت يومها ,كله دراسة,وعادت للمنزل و كلها نشاط وصنعت كعكة بالشكولاطة اللذيذة ,وفي تلك اللحظات بدأت بالسعال الشديد وحدث لها ما يحدث لكل مرضى السل, هاهي ليلى تنسى مرضها لساعات قليلة لتعود له المسكينة كانت تنتظر غدا أروع ويوم أسعد كله بهجة ,وفي مساء يوم الغد وفي طريقها للمنزل مرت على المحل لرؤية خالد ولكنها اصطدمت عندما رأته يتكلم مع تلك الفتاة مرة أخرى.ولكن الفتاة خرجت بمجرد دخول ليلى للمحل, توجه خالد نحوها وهو يقول :صباح الخير ياأحلى بنت عرفتها في حياتي.
ابتسمت وردت عليه السلام . ثم أطرد خالدا قائلا: ليلى أنا أريد أن أصارحك بموضوع وأحب أن لا تقاطعيني حتى أكمل الحديث...
كانت تحس ليلى انه سيصارحها بحبه.
أكمل خالد كلامه:أنا في الحقيقة يوم رأيتك أعجبت بك وشددت انتباهي بروحك الرائعة ويوم تقربت منك أكثر عرفت انك فتاة أروع مما تخيلت برقتك ولطفك وأدبك أنت يا ليلى رائعة وأنا في الحقيقة قررت أن لا أحب بعد خيانة سلمى لي ولكن يوم رأيتك شعرت بأن الحب يولد في قلبي من جديد وأقسم انه لم يكن في بالي أي من أفكار الشباب الذين تجذبهم الفتاة لجمالها ويستمتعون بالنظر لها للتغزل فيها فقط وهذه هوايتهم لكن وبكل صدق أحسست بالحب نحوك شعرت وكأنك تتغلغلين بداخلي تحسين بدقات قلبي تحسين بكل حركة في شراييني شعرت وكأنك أختي من دمي وأخاف أن يتكلم عنها أي شخص بسوء أو ينظر لها نظرة ليست النظرة التي تليق بجوهرتي, حقا ليلى أنا أحسك جوهرتي , أحسك لب قلبي أحس أني سأقاتل الجميع لأجلك ...أحبك ليلى ..أنت ليلى البنت التي أحس أنها ستكون المرأة التي ستصون اسمي اقسم أني ... أعشق الحب إن كان منك وأنا لا أحب لجزء مني إلا الحب والفرحة...حتى ولو كنت تحبين شخصا آخر أقسم أني سأكون أول من يقف معك أخا صديقا. وان قبلت حبي ...فأنا الحب سأكون إنشاء الله الرجل الذي سيحافظ عليك ...
توقف خالد عن الحديث بعد الكم الهائل من المشاعر التي نشرها في ذلك المحل ولم يستطع إتمام كلامه وكأنه كان خجلا وفقد فرصة الكلام بعد توقفه... ثم نظر في عيني ليلى وقال: أحبك ..ردي أرجوك ..
تكلمت ليلى بعد كل هذا الذهول الذي أصابها ..خالد انظر لعيني وستعرف جوابي...
نظرا لبعضهما لدقيقتين.ثم خرجت وتركت ذلك المحل الذي كان سببا في نسيانها مرضها يومها.
اختفت ليلى عن الأنظار لمدة أسبوع...ولم تذهب للمحل إلى أن جاءت صديقتها لتقول لها أن ياسين يريد رؤيتها. ذهبت ليلى للمحل فوجدت ياسين لوحده تقدمت منه وسلمت عليه قائلة صباح الخير ياسين كيف حالك..
قال ياسين: ليلى كيف حالك أين أنت لم نراك كل هذه المدة اشتقنا لك , إن خالد يود الكلام معك وهو سيصل بعد قليل ,ولكن قبل أن يصل أريد أن أتكلم معك في الموضوع الخاص بك و به هل تسمحين لي يا ليلى.
ترد ليلى: أنت صديق لي ولخالد أيضا لا مانع تفضل .
يبدأ ياسين في الكلام : اسمعي يا ليلى إن خالد حقا يحبك ولكن سبق وان أعطيتك لمحة عن ماضيه وقلت لك تلك الفتاة تود الرجوع له , و عندما تقف معه سلمى ينسى كل الذي فات وهو اليوم سيتكلم معك على هذا الموضوع وهو يرى بأنه ليس وفيا سيطلب منك الفراق,وأنت يا ليلى أخت عزيزة جدا وهو صديقي لا أود أن يكون سبب حزنك وتكرهيه .
دخل خالد في تلك الأحيان فتوقف الحديث بين الاثنين, توجهت ليلى نحو خالد وهي ترحب به ثم بادرت هي في الحديث: خالد أحب أن أقول لك أني آسفة ولكن سأقول لك خبرا لا أعرف كيف سيكون وقعه عليك
يقول خالد: تفضلي .
تكمل ليلى حديثها: في هذه الأيام التي غبتها جاء ابن عمتي وطلبني للزواج من أهلي وهم موافقين و أنا لا أرفض طلبهم. أنا آسفة .وداعا.....
خرجت ليلى من ذلك المحل الذي كان سبب في فرحتها يوما ونسيانها للمرض أصبح في هذا اليوم سبب في تذكرها للمرض .
بعد خروجها تقدم خالد من ياسين وهو مذهول وكان حاله يرثى له وهو يقول: لماذا ..لماذا ..ياسين قلي ما لذي يحدث معي ..
يقول ياسين :ما بك ما لذي قالته لك ليلى لك.
خالد: ليلى تقول أنها خطبت لابن خالها أو عمها لا أدري المهم أنها قالت كل هذا وخرجت ولم تضع لمشاعري أي اعتبار.
ياسين: لا تكن أنانيا يا خالد ألم تكن أنت ستكلمها في ضرورة الفراق
خالد: نعم...ولكن..
ياسين: لا يا خالد لا تقل لكن هذه الحقيقة الله قدر هذا الموضوع. لكي لا تكون أنت سبب حزنها وتكرهك.
خرج خالد من المحل والحزن يأكل كل ملامح وجهه الوسيم الضاحك....والصدمة كانت سببا في ارتفاع الحمة عنده وبقائه طريح الفراش لمدة أسبوع...حتى ليلى لم يراها ياسين كل هذه المدة.أحس هو بالذنب لأنه يعلم أن ليلى تحب ياسين ولم يخطبها أحد..قرر أن يخبر خالد عن الحقيقة..لم يصدق المسكين إن الفتاة كانت مخلصة لهذه الدرجة لأنها آثرت أن تكون سببا في فراقهما على أن تتركه يحس بالذنب نحوها ..هذا الحب الذي لم يرى منه طرفاه سوى الدموع مع أنهما يعشقان الحب أن كان كحبهما ..
خرج خالد في ذلك اليوم مع ياسين بالرغم من مرضه , كان متوجها نحو الجامعة للسؤال عن ليلى لكي لا يسمح لنفسه ولأنانيته أن تبعده عنها مرة أخرى.بحث عنها طويلا,و سأل عنها كثيرا لم يراها أحد طوال أسبوع
ولحسن حضه وجد صديقتها تمشي في إحدى الأروقة ,فأوقفها لسؤالها عن محبوبته التي فرط بها لمجرد دخول أوهام وسخة زرعها هو بنفسه في حياته.كانت الفتاة متجهمة الوجه لما رأت الشابان, ثم قالت :لماذا ..ألم تكن تحبك المسكينة لماذا...ألم تكن أنت أول حب في حياتها..ألم تكن هي وفية لهذا الحب الذي لم يدم إلا أياما أو أسابيع,ألم تكن تعلم أن ليلى مريضة بمرض السل...
قاطعها خالد:ماذا..السل ليلى مريضة...أين هي الآن أريد رأيتها..ردي عليّ أرجوك
ليلى في المتشفى القريب من الجامعة بين الحياة والموت.والسبب أنت أتفهم ..أنت..إن ماتت ليلى...
لم تكمل الفتاة كلامها لان خالد ركض متوجها للمستشفى, وياسين يركض ورائه..كان الشاب يركض كالمجنون, كان يستحضر في مخيلته كل ثانية وليلى بجانبه .
وصل خالد للمستشفى ولما سأل عنها كانت صدمته في الفراق الأبدي أقوى من كل صدمات حياته الماضية ماتت ليلى ..فارقت ليلى الحياة في اليوم الذي عاد لها حبها يركض عادت فرحتك ياليلى ..يإست ليلى الحياة فقدت الامل فيها..حدث ما كانت تخشاه دائما .ان تيأس وتختفي الفرحة ليلى بموها وفقدانها الامل مسحت بسمة رائعة كانت ترسم على وجوه الكثير ,فرحة كانت تخرج من القلب حب كان يتغلغل في شرايين أي انسان يقابلها .بموتها تحس ان الحزن تربع في ذلك الحي .أعلنو الحداد ,ياسين كان يحس بالذنب اختفى عن انظار الجميع منفردا بعذاب الظمير المسكين يحس وكأنه المذنب ,خالد الذي لم يجد الا حل اللحاق بها كان كالمجنون يوم حمل السكين وقطع شرايينه يوم آثر الموت مع حبيبته على ان يذكر الله ولا يقدم على مثل هذا الفعل.