أبو وليد المدير العام
عدد الرسائل : 15849 العمر : 42 مكان الإقامة : منتدى شاعر الأحاسيس السٌّمعَة : 41 نقاط : 24008 تاريخ التسجيل : 24/10/2007
| موضوع: أقفاص الفراخ والبشر الجمعة 9 نوفمبر 2007 - 3:48 | |
|
أقفاص الفراخ والبشر ]2007-11-08]
سمير غانم في إحدى مسرحياته شاب بائس يتزوج فتاة من أسرة مترفة يخلب عقلها منظر الصرصار في بيته فتقرر تربيته كالهرة, وتذهب للتسوق وتعود بفرخة (دجاجة) اشترتها بثمن أذهله: خمسة عشر قرشاً! لكن البائع أعطاها قفصا لتحمل فيه الفرخة إلى البيت بخمسة عشر جنيها فقط! ويرتفع سعر البنزين حتى يوشك أن تصبح نسبته إلى السيارة كنسبة القفص إلى الفرخة. في مطالع الخمسينيات من القرن الماضي أخذ الطنبرجي يلوّح بسوطه صاعدا من جسر فيكتوريا بطريق الصالحية يصيح بالإكديش (البرذون) بعصبية (دي) ويشتم بحدة وهو ينعطف يسارا كل من وضع على رأسه قبعة ( يعني الشرطة) ففوجىء بالشرطي على الزاوية وقد طرقت الشتيمة أذنيه فمد الطنبرجي إصبعه نحوه قائلا: (ما عدا الأفندي) وصاح بالإكديش ( دي يوس تعا يوس) كان عدد (الطنابر) في دمشق يزيد على عدد السيارات, ثم أخذ عددها يتزايد في الستينات, أما في السبعينات فقد كنا البلد الوحيد في العالم الذي أصبحت فيه السيارات كالذهب كلما عتقت ارتفع ثمنها. وفي الأعوام الأخيرة فرجت على استيراد جميع أنواع السيارات ( بنت سنتها) جديدة ( قطع المقص) وهجمت (الوكالات) على المشترين وأخذت تتدرج في تسهيلاتها وشروط بيعها (تقسيطاً بلا دفعة أولى) وهجم المشترون على الوكالات: من باع جزءاً من بيته, أو (صيغة) زوجته أو استلف من المصارف أو استقرض من الأقارب وفيهم حديثو النعمة المترفون الذين ينطبق عليهم قول المتنبي في كافور الإخشيدي: يستخشن الخزّ حين يلبسه وكان يُبرى بظفره القلم وازداد التلوث حتى ضاقت الأنفاس, وازداد (التشفيط) وركبت السيارات الأرصفة والممرات فلا تكاد تجد موضع رأس إبرة في شوارع دمشق وأسواقها حتى في أحيائها الشعبية, وفي سائر المدن الأخرى صغيرة أو كبيرة, وفي الطرقات الدولية والوطنية, وكثرت مدارس ( تعليم قيادة السيارة) وكثرت الشهادات في الجيوب, وكثر الجاهلون بقانون السير, والمستهترون بلا فن ولا ذوق ولا أخلاق, وكثرت الحوادث حتى صار لزاما عليك أن تكتب وصيتك قبل أن تركب وراء مقود سيارتك. كلنا يعلم أن أسعار المحروقات في سورية ما زالت أقل بكثير من أسعارها في جميع البلاد المجاورة, ويقال إن عمليات التهريب يضاف إليها رغبة الحكومة في معالجة التضخم ألجأها إلى رفع الأسعار. عندما هددت الدول العربية بقطع النفط عن أوروبا ما لم تضغط على (إسرائيل) للانسحاب من الأراضي العربية المحتلة يذكر الكثيرون منا كيف لجأت الدول الأوروبية إلى تحديد سرعة السيارات, وإلى استعمال الدراجات العادية وعربات الخيل في تنقلاتهم. إن أخطر ما تتعرض له سورية الآن وبخاصة دمشق والمدن الكبرى هو تلوث البيئة الناتج عن كثرة السيارات, في أحد التقارير ذُكر أن شوارع دمشق يسير فيها أكثر من (350) ألف آلية أغلبيتها خاصة فيها 12% للقطاع العام, وأقلها للنقل العام (16) ألف ميكرو و(200) حافلة للإدارة الموحدة. إن ارتفاع عدد السيارات الخاصة يتناسب عكسا مع سيارات النقل العام وإن المعالجات (الترقيعية) التي نراها في تغيير مواقف سيارات النقل ليست إلا كلعبة الأطفال (عسكر وحرامية) ويحس المرء بالحسرة على السكك الحديدية المدفونة تحت التراب, وبالحسرة أن الماء يجري تحتنا لا نحس به, وبقول الشاعر: كل من تلقاه يشكو دهره ليت شعري هذه الدنيا لمن
عبد النبي حجازي - الثورة | |
|