القصيدة الثانية في رثاء الشاعر

وأما القصيدة الثانية فقالها ولده عبد الناصر آخر من مشى في طريق الشعر والأدب من أولاده محاولا أن يصور جانبا من أخلاق الشاعر في حياته وجانبا من الحزن الذي تركه برحيله في نفوس الأهل والأقارب والمعارف فقال:
جاء البكاء غزيـراً كـي يواسـينـا*** فالخطْبُ جلٌّ ونار الحـزن تكوينـا
يا ملجأ الروح أنت اليـوم تهجـرنـا ***يا منبـر العلـم إنّ الهجـر يبكينـا
لمّـا دعـونا إلـه الكـون خـالقنـا*** رحماك ربّـيْ فيمـن روحـه فينـا
عبد الحليـم حليـمُ النفـس والِدُنـا ***مَنْ أكثـرَ الذّكْـرَ للقـرآن تمكينــا
زادت فضـائلـه والنـاس تـألفـه ***عطـراً مسـيرته فاحت رياحينــا
الصبـر في دهره قـد جاء يُفرِحنا ***أنَّـا دعونـا فقـال الكـون آمينــا
والجـود في مهده قـد قال توصيةً*** رحماك ربي بمن ذكـراه تحيينــا
أمـا الإله فقـد أعطـى بشـائره ***من قوله الحقّ في القـرآن تبيينــا
في جنّة الخلـد عيـش المؤمنيـن به*** لا يغفل اللـه عن صبـر المصلينـا
قبـل البشائـر مـا أكبادنا هـدأت*** قبـل البشائر كـم ســالت مآقينـا
قد كنت يا والدي نوراً أضـاء لنـا ***درب الهـدايـة جنـّاتاً بســاتينـا
أنـت المُعَلِّم والأشـعار شــاهدةٌ ***من فضل جودك قد جادت مسـاعينـا
إنَّ الهدايـة قد جـاءت مُبـطّئـةً ***أنـت الخبيـر بهـا واللـه شـافينا
أنـت المربـّي وقـد ربّيتنـا دُرراً*** عن نصـرة الحـقِّ لا إغـراء يثنينـا
فاهنأ بـمغفرة الرحمـن واسـعـةً*** والحور حـولك بالأكـواب سـاعينـا
أسلوب عيشك يبقى نور أسـرتنـا*** مـع آل عقّـاد كـنزٌ مـن أهالينـــا
عشت الحياة هموم القـوم تحملهـا*** حـتى المروءة غاظـت من يعادينـا
ما زال قولك فـي أفكـارنا قمـراً*** للخيـر يُـرشِـدُنـا للحـقِّ يَهـدينـا