القصائد المتبادلة .. عام 1965-1966

يعتبر عام 1965-1966 من أغنى الأعوام في حياة الشاعر فنّا وأدبا ونتاجا ففي هذا العام سافر ولديه محمد طاهر وحسام الدين إلى لبنان وكما ذكرنا سابقا أن تباشير الشعر بدأت عند ولده محمد طاهر منذ سنتين عندما أبياتا لوالده بمدرس الرسم ممدوح الخياط وها هو الآن وقد سافر إلى لبنان راح يتبادل الرسائل مع والده الشاعر وكل منهما يضمن رسائله أبياتا من الشعر وكانت البداية بالطبع من محمد طاهر الذي أرسل لوالده رسالة وفيها ما يلي:

يا مسافر نحو الشـآم تمهـل*** وتحمل من الفؤاد اشـتياقي

واقر عني عبد الحليم سـلاما ***بيد أن السلام لا كالتلاقـي

إنـه والـدي وقـرة عينـي*** ورفيقي إذا عددت رفاقـي

ولتخبّـر إذا وصلـت بأنـي *** تائه الفكر مضرم الأشواق

ولئن قلت لي تصبـّر لتعلـم *** أنما الصبر علقم في المذاق

وأبلغه عني لأن دمعي شحيح *** جففته العظام ممـا ألاقـي

وما إن يتلقى الشاعر هذه الرسالة ويتلو ما جاء فيها من الشعر حتى يسرّ سرورا عظيما وتأخذ منه الفرحة كلّ مأخذ وتجود به القريحة ويكتب لولده رسالة يردّ فيها على رسالته البكر أي أول رسالة ويضمّن الشاعر رسالته أبياتا من الشعر يصور فيها كل هذه الوقائع حيث يقول:

كنت تعبان والظهيـرة حـرّا*** وحنيـن الولهـان كانت أحـرّا

وإذا بالرسـالة البكـر تأتـي *** وبها صـورة لمـن كان بـرّا

يا لها من بشـارة من جـدود *** سوف تقفوعلى مساري سـيرا

سـوف نلقاك بعد هذا بشـكل *** هو أحلـى من الحيـاة وأورى

وبـإذن الإلـه يسـعفنـا السـ *** ـهر ونلقى من الوجـود مسـرّا

إيه يا ريح روّحي عن وليدي *** وامنحيه الحياة في العيش حُرّا

إنـه مخلـصٌ وحـرٌ أبـيٌ *** إنه مـن ضميـره قـد أصـرّا

إنه خالد مدى الدهـر عندي *** إنه طـاهـرٌ ولـم يـك غـرّا

ربّ فرّج عن العروبة إن ال *** عُرْبَ قومٌ سقوا من الصبر مرّا

ربّ تمم لنـا بخيـرٍ وأهلك *** من يعادي الإسلام كيدا وضرّا

ويعود ولده محمد طاهر ليرسل له رسالة ثانية وفيها أبيات من الشعر:

إن حكـم اللـه فينـا قد نـزل *** حين تهنا بيـن سـهل وجبـل

ورأينـا بهجـة الدنيـا هنــا *** مثل عنـوان الحلـم قد أفـل

فبدار الشـام قلبـي سـاكـن *** وهنا للبحر جسمي قد وصل

فتراني تـارة أشـكو الهمـوم *** إذ أرى طي الظلام قد سـدل

وتراني تـارة أنسـى الفـراق *** لو رأت عيناي خيطا من أمل

والدي بلّـغ سـلامي عاطـرا *** من مياه البحر من أعلى الجبل

كلّ مَن مِن إخوتي أضحى فتىً*** عاقل الرأي له عـزم البطـل

ولمن غاب في أرض الحجـاز*** يطلب الرزق ويسعى بالعمـل

أسـأل الرحمـن توفيقـا لـه *** وغنىً يلقى ولا يلقـى وجـل