عدم سكوته على الذل والهوان

يتابع في ثورته وغضبه على التخاذل والخضوع للملذات حيث كما علمنا سابقا كان يقطن في السبع بحرات وكانت الأحياء المجاورة له لاتخلو من الأغنياء والمترفين وكان يوجد في حيّه ثلاث مقاهي اثنتان منها للقمار وأربعة خمّارات وكان جيرانه بيت البارودي يؤجرون غرفة من بيتهم وقد شغلتها مرة غانية ساقطة فقامت قيامة أهل الحارة الشرفاء بسببها وما زالوا يضايقونها حتى رحلت ولو أردت أن أعدد الأمور المزعجة أخلاقيا والمخالفة للعرف والعادات والتقاليدلما وسع لهازمن ولا قرطاس والأمثلة كانت كثيرة لاتعد ولا تحصى فعلى سبيل المثال لا الحصر جريمتي قتل احداهما نتيجة شجار من أجل القمار والثانية فتاة في العشرين وجدت قتيلة علىدرج القبوومرة استيقظ أهل بيته في الصباح وخرج أحدالاطفال

كالعادة لإحضاربعض الحاجات فإذابه يتعثرفي الدهليزالمظلم الذي يدخلون منه إلىالبيت و فتح الباب فوجد سكرانا مستلقيا في الدهليز فأصيب الطفل بالهلع والذعر الشديدين واستيقظ الأهل علىصراخه أمثلة كثيرة من جيران يقيمون الحفلات المختلطة ويجاهرون بالفحشاء والمنكرو سافرات عاريات يسرن في الطرقات وغير ذلك وفلسطين تأنّ جريحة وتستنجد وتستغيث ولا مغيث بل يوجد العديد من المغيثين فلقد فتحت سوريا باب التطوع للفدائيين وأقامت لذلك معسكرات التدريب وشكلت قيادة المقاومة الشعبية والدفاع المدني هي صور متناقضة متداخلة يقف الشاعر تجاهها متأملا متألما ويصور مشاعره فيها فيقول:

الشعر شعري والشعار شعاري *** والأرض أرضي والمزار مزاري

والقوم قومي لو دهتهـم نكبة *** من عاديـات الدهـر والأشـرار

لا فرق بينهموا وكلّهمـوا أخٌ *** تجـري العـروبة في دم الأحرار

إني لأجهـر داعيا بقصـائدي *** حمـل السـلاح وبالفـداء إزاري

ما النوم يدفع عن بلادي حملة *** جـاء العـدو يشـنّها بشــرار

فتحاببوا وتعاضدوا وتسـاندوا *** فالوحـدة الكبـرى أجـلّ شعار

حيّوا الشآم بشعبها وبجيشها *** هـي قبلـة الأبنـاء والأبـرار

لا تتركوا شعب العروبة تائها *** متلهيـا بالـطبـل والمـزمـار

يلهـو بدنيـا الموبقات مرددا *** نغـم الهوى يا خيبتي وخسا ري

قم وادع حقا بالعروبة عاملا *** برسـالة خلـدت مـدى الأدوار

وترتفع مكانة الشاعر بين الدرسين والمثقفين ويزداد احترام الإدارة له مما أثار غيرة بعض رفاقه الأذنة كماسلف وكانوايضايقونه بين الفترة والأخرى ويكيدون له ويبيتون المؤامرات ولكنه اتخذ من الآية الكريمة @ خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين@ دستورا له في حياته وإذا بلغه أن أحدا ذكره بسوء أو آذاه بالخفاء يجيب من أوصل إليه الخبر:

وإذا أتتك مذمتي من ناقص *** فهي الشهادة لي بأني كامل

ولكنه مع ذلك كان كثيراما يخلد للتفكير في ما سلف من عمره وما قاسى خلاله من الغربة

والشقاء ..أينطبق عليه قول الشاعر الساخر:

ماذا دهاكم سادتي ماذا جرى *** ما بالكم تتقدمون إلى الورى