مدح الاستاذ رفيق

ولا نزال في مضمار الذم والهجاء لذلك لا بد من ذكر القصة من بدايتها, فقد قام كل من مدرس الديانة الأستاذ رفيق السباعي والموجه واصف ياسين بإنشاء صندوق تعاوني في المدرسة مهمته جمع التبرعات على مختلف أشكالها وأوصافها من الطلاب الأغنياء وتقديمها لزملائهم الفقراء حيث كان في المدرسة قسم داخلي وكانت المدرسة تستقطب الطلاب ليس من أنحاء سورية فقط وإنما من الأقطار العربية لذلك كانت تضم خليطا متناقضا بين غني مفرط في الغنى وفقير معدم, وكانت خطوة الأستاذين رائدة في مضمار التعاون فكم قدموا من خلالها مساعدات للطلاب الفقراء مما أثلج قلب الشاعر فامتدح كل منهما بأبيات قال في الأول وهو الأستاذ رفيق:

نعم الصديق أيا رفيق *** وللهدى أهدى رفيـق

اللـه بلّغـك المنـى *** بالعلم والدين الحقيـق

وبما قرأت من الكتاب *** وما سلكت من الطريق

وبما فعلت من الصنيع *** هنـاك بالبيت العتيـق

إني لأشــكر خالقي *** شـكرا بنعمتـه يليـق

وأما الأستاذ واصف ياسين فقد تعمقت العلاقة بينه وبين الشاعر حتى تجاوزت حد زمالة العمل حيث كان المذكور مغرما بالأدب واللغة العربية والشعر وقد ذكر عنه أنه رافضي وعرف بذلك في وسط التعليم وكان كثيرا ما يقابل الأقوال اللاذعة من السفهاء أمثال الجلعوط ومحمد قاروط وغيرهم يقابل أقوالهم بالتحلم والصبر حتى أنه مرة استعان عليهم بالشاعر عبد الحليم العقاد عندما ازدادت مضايقتهم له فالتفت إلى الشاعر وقال له بلهجة الاستفسار(إن كان رفضا حب آل محمدٍ) فأجابه الشاعر على الفور ودون ترددفليشهد الثقلان أني رافضي)المهم أن الشاعر امتدحه بأبيات قال فيها:

ماذا يقول الواصفون لواصف *** كملت به الأوصاف والأخلاق

لا لا تصـدق أن مثله خادع *** بصـلاته وحديثـه لَقْـلاقُ

إني امرؤٌ أُسقيتُ من لبن التقى *** كأسـا تتـوق لشربه العشاق

وكان عبدالله غنام موجها مثل واصف ياسين فأراد أن يقلده ويفعل مثله في جباية التبرعات وتقديمهاللفقراء فأمسك بأحد الطلاب وهو يمني الجنسية وطلب منه عنوة أن يتبرع بقميصه وبنطاله ولم يجدالطالب بدامن الانصياع لطلب الموجه فغاب عنه برهة ثم أحضرله ماطلب لم يكن طلب الموجه ارتجاليا بل كان عن تخطيط وتمحص لأنه عندما فكر بهذا العمل كان في ذهنه أحد الطلاب من الصف السادس الأول الإعدادي وكان هذا الطالب دقيق العود صغيرا وقد انطبق عليه أوصاف الطالب اليمني وهكذا كان وقدم الموجه عبد الله غنام الثياب لهذا الطالب الفقير ولكن القصة لم تنته هنا بل هذه كانت البداية فقط.