يقرأ مدير المعارف قصيدة الشاعر ويرى من خلالها فصاحة عربية وقوة وتمكنا في اللغة العربية فيطلبه ويجلس معه ساعة من الزمن كما يسمى في الوقت الحالي مقابلة يقوم على اثرها بتعيينه مدرّسا في قرية جبّاتا الزيت , وكان للقرية مختار اسمه ماجد العاص أكرم وفادة الشاعر وبذل له من الترحيب وحسن الوفادة ما يليق بأستاذ لم يسبق للقرية قبلها أي حركة تعليمية فهو أول أستاذ يصل إلى هذه القرية , كانت القرية تتوسط عدة قرى قريبة منها مثل موية وغيرها وكان التلاميذ يتوافدون إلى المدرسة من هذه القرى ويقوم المختار ماجد بحثّ مخاتير القرى وشيوخ العشائر لبذل جهودهم في إسعاد الأستاذ فكانوا يقيمون الولائم على شرفه ويقدمون له أطيب المأكولات وأذكر أنني اصطحبته في إحدى المرات إلى قرية (موية)وكان أمير العشيرة اسمه عدنان وزوجته الأميرة سبته فقاموا باستضافتنا كأحسن ما تكون الضيافة وأذكر هنا طرفة جرت معي أنا حيث كنت أسير مع والدي في القرية التي أشبه ما تكون بقبيلة تسكن عددا من البيوت المبعثرة وأمام كل بيت كلب للحراسة ومرافقة الأغنام أثناء الرعي وكانت جميع الكلاب ضخمة وكبيرة فحذرني والدي من الاقتراب منها أو التحرش بها أو السير منفردا بن الأزقة لأنني غريب بالنسبة لها ومن الممكن أن يهاجمني أحدها ويعضني,لكن ومن غير أن أعرف السبب الذي دعاني إلى ترك يد والدي والهجوم علىأحد الكلاب , كان رابضا لا يأبه لنا وما إن شعر بمهاجمتي له حتى انتفض واقفا وزأر في وجهي وخطا نحوي خطوة أو خطوتين أسرعت على أثرها باتجاه والدي لأتمسك به وأحتمي به وأختبئ خلفه, ونعود لقصة الشاعر الذي من عادته أن يقابل الإحسان بالثناء والمديح فقد كتب قصيدة شعر يمدح فيها المختار ماجد العاص فقال:
دار المكارم قد حوت أشبالا *** إني وجدت بهم ندىً وكمالا
قومٌ يحيون الضيوف تحيةً *** تبقى على طول الزمان مثالا
وصفوا بأخلاقٍ تجلّ بوصفها *** ملأت سهولا بالندى وجبال
وأبيك إني قد وجدتك ماجدا *** حرّاً أبيّـاً سـيّداً مفضالا
مختـار قريتنـا وسـيد حيّنا *** إنا وضعنـا عنـدك الآمالا
حاشا نخيب وأنت شهمٌ طيبٌ *** ترجى معونتـه هدىً ونوالا
وعلى ذكر المديح فقد كتب الشاعر أيضا قصيدة مديح لصديقه وابن خاله أحمد أبو الهدى الحافظ يقول فيها:
أبا الهدى يا رعـاك اللـه مهتديا *** فأنت للقلب والأبصار كل ضيا
أهديك من مهجتي كلّ التحية والـ.......شوق والحب من قلبي بدون ريا
واللـه حيـاك فيمـن عنده كتبوا *** لأن كفـك تعطي القاصدين حيا
يا ابن الكرام نسجت الشعر مهتديا *** آثار هديك فاقبل عذر من نسـيا
وإن نسـيت فلا أنسـى مودتكم *** يا حافظيـن ففيـكم ضعفنا قويا
فجـدّنا واحـدٌ والأصـل منبعكم *** وكلنـا من سبيل اللـه قد رويا