مدحه للشيخ رابح الجزائري

ويتنقل في ورشات النحت حتى يستقر به العمل في بناء جامع كيوان وكان المسئول عن العمال وعن المحاسبة رجل يدعى الحاج رابح الجزائري وكان المتبرع الأول والممول لهذا المشروع هو رجل يدعى حمدي وأعلم أن الشاعر ذكر هذه الفترة من حياته بكثير من الأشعار وروى لنا عنها قصصا كثيرة غير أنني لم أستطع أن أحصل منها إلا على خمسة أبيات اثنان في مدح الشيخ رابح وثلاثة في مدح حمدي وهذا ما قاله في مدح حمدي:

يا من له أثر مدى الأزمان بالجامع المشهور في كيوان

أهدى إليه حجارة منحوتة مبنيـة في ســائر الأركان

هنئت يا حمدي فتلك سجية ما حـازها إلا أولو الإيمان

وأما ما قاله في مدح الشيخ رابح الجزائري فهما:

يا رابحــا ربحـت تجارته به فيك الشهامة والمروءة والفدا

أحسنت صنعا في البناء وصنعه سترى ركوعا في حماه وسجدا

وتقوى أواصر الصداقة والمحبة بين الشاعر والشيخ رابح الجزائري ويتبادلان الجلسات والزيارات ويقبل الشاعر دعوة صديقه الشيخ رابح على طعام جزائري ويتبادل الاثنان الطُرَفَ والأحاديث فيقول له الشيخ رابح يا أبا صلاح سأسمعك شعرا من عندنا من الجزائر فيحفظ عنه الشاعر قوله:

وخير ما في شعبنا يلتمسون من الطعام ما يسمى الكسكسون

وينتهي بناء المسجد وينتقل الشاعر بين الأبنية التي يتم بناءها في تلك الحقبة ثم يوفق إلى عمل يدوم مدة غير قليلة وفيه مركز لابأس به حيث عمل مراقب عمل في مشروع توسيع نهر بردى , وهناك تعرّف على شاب اسمه أحمد المدني وهذا الشاب كان يمتاز بصوت

جميل حيث كان كثيرا ما يردد الأغاني التي كانت شائعة في تلك الفترة ,ولم تخلو هذه الصداقة من بعض الأشواك بسبب الحاسدين والمبغضين فكتب الشاعر قصيدة يمتدح أحمد المدني ويخاطبه بقوله :

أكرم بأحمد من طروب شادي *** مِن فيه يلقي أحسن الإنشاد

حقّ له يمتـاز عن أقرانـه *** بقراءة وتواضــع ووداد

متّع بشـدوك سمعنا بقصيدة *** تحيي الفؤاد فإننا بالوادي

دع ما يقول العاذلون وشأنهم *** إذ لا يضرّك كثرة الأضداد

إنّ الكريم له اللئـام حواسـد ** ما زال يلقى شامتا ومعادي

وبعد انتهاء العمل في مشروع بردى تنقل بين المهن وعمل في عدة أماكن ولكن ما بقي منها في ذاكرتي هو عمله عند خليل الترجمان ولم أستطع أن أتذكر سوى الصداقة التي تربطهما ولكنني أذكر الأسماء والأحداث هنا للأمانة وربط الأزمنة .