روي الامام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين السيدة عائشة(رضي الله عنها) أن رسول الله( صلي الله عليه وسلم) قال: إنه خلق كل إنسان من بني آدم علي ستين وثلاثمائه مفصل, فمن كبر الله, وحمد الله, وسبح الله,واستغفر الله, وعزل حجرا من طريق الناس, او شوكة او عظما عن طريق الناس, وأمربمعروف, ونهي عن منكر عدد تلك الستين والثلاثمائة سلامي فإنه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار
( صحيح مسلم1007),698/2).
والسلامي هي المفصل( وهي اسم للواحد وللجمع معا) وقيل أن السلامي والسلاميات هي في الأصل عظام الأصابع وسائر الكف, ثم استعملت للتعبير عن جميع عظام البدن, ومفاصل تلك العظام( أي مواضع التقاء العظام بعضها مع بعض) وأغلبها متحرك, ولكن بعضها ثابت كمفاصل جمجمة الرأس.
ومن معاني هذا الحديث الشريف أن علي الانسان أن يقدم الشكرلله( تعالي) في كل يوم علي ما وهبه من هيكل عظمي منتصب, مستقيم, ميزه الله (سبحانه وتعالي) به عن جميع الخلائق, وكونه من عدد هائل من العظام الكبيرة والدقيقة, التي تحمي الاجزاء اللينة من جسمه, وتعطيه الدعم اللازم وجعل بين كل عظمتين منهما مفصلا يتيح قدرا من مرونة الحركة تسمح للانسان بالوقوف,والجلوس,, والانحناء, والتثني, والبسط والقبض وغير ذلك من الحركات التي مكنت الانسان من القيام بكل ما يحتاجه من أعمال, واعطته الفرصة لاكتساب المهارات المختلفة في حياته الدنيا, والقيام بواجبات الاستخلاف فيها علي الوجه الأمثل.
ومن الثابت علميا اليوم أنه بدون هذه المفاصل في جسم الانسان ماكان ممكنا له أن يستمتع بوجوده في هذه الحياة, ولا أن يقوم بواجبات الاستخلاف فيها, ومن هنا كان علي الانسان واجب الشكر لله( تعالي) في كل يوم علي هذه النعمة التي تشهد للخالق( سبحانه وتعالي) بروعة التقدير في كل خلق.
والأمرالمعجز في هذا الحديث أن يحدد المصطفي( صلي الله عليه وسلم) عدد مفاصل جسم الانسان هذا التحديد الدقيق في زمن لم يكن متوافرا لأحد من الخلق أدني علم بذلك.والغالبية الساحقة من الناس اليوم في مطلع القرن الحادي والعشرين لاتعرف ذلك, بل إن عددا كبيرا من أساتذة الدراسات الطبية لاتعرفه..!!
حتي تحدد مؤخرا أن عدد المفاصل في جسم الانسان هو ثلاثمائة وستون مفصلا كما حدده المصطفي( صلي الله عليه وسلم) من قبل أربعة عشر قرنا منها147 مفصلا بالعمود الفقري,24 مفصلابالصدر,86 مفصلا بالنصف العلوي من الجسم,88 فصلا بنصفه السفلي,15 مفصلابالحوض.
والسؤال الذي يفرض نفسه: من غير الله الخالق يمكن أن يكون قد علم خاتم الأنبياء والمرسلين( صلي الله عليه وسلم) بتلك الحقيقة العلمية المتخصصة جدا, والتي لم يصل علم الانسان اليها إلا في أواخر القرن العشرين كما وضح ذلك الدكتور حامد أحمد حامد في كتابه المعنون رحلة الانسان في جسم الانسان؟
ومن الذي كان يمكن أن يضطر المصطفي( صلي الله عليه وسلم) للخوض في أمر غيبي كهذا؟لولا أن الله( تعالي) يعلم بعلمه المحيط أن الانسان سيصل في يوم من الأيام الي إدراك هذه الحقيقة التشريحية لجسم الانسان فتكون هذه الومضة النورانية في هذاالحديث الشريف شهادة صدق علي نبوة هذا الرسول الخاتم, وعلي صدق اتصاله بوحي السماء, فصلي الله وسلم وبارك عليه وعلي الله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته الي يوم الدين.
منقول عن : الاعجاز العلمي في السنة النبويةبقلم: د. زغلول النجار