((مقهى الذكريات))

((مقهى الذكريات))

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

مشنوقة كانت (سارة) في يومياتها الزوجية....مع زوج لا تحبه....ستعيش معه ما تبقى من الحياة.....والأيام تأكل منها صبرها....خرجت قبل موعد عملها بساعتين.....لا تدري وجهتها.....صورة لحب قديم تصعد امام عينيها....فتبكي....تسير في الشوارع المجهولة....حتى تتعرف على ذلك المقهى....وكأنه تكملة لشريط ذكرياتها....تدخل لتجد فيه مقعد يناسب مزاجها....فتجده بشمحه ولحمه....حبيبها القديم....(ايهاب)!!

نفس العينان المعذبتان يحمل (ايهاب).....حتى بعد فراقهم منذ عشرة أعوام....نظر ايهاب إلى شفتيها المتكلمتان بصمت.....ودعاها للجلوس....غير مصدق هذة الصدفة التي حملتها لهم الأيام....نصف ساعة مرت....دون أن تجد الكلمات لأحدهم طريقا.....(سارة) ما تزال تلك الخجولة....(ايهاب) ما يزال ذلك المعذب باشجانه وأشواقه.....وايام حبهم الهاربة...فجأة تصطدم بهم...وتحيطهم...وتتكاتل عليهم فتصرعهم....سألها (ايهاب) أخيرا عن حياتها...وبحثت طويلا عن اجابة مقنعة....غير أنها حياة في كفن الروتين....واخترعت اجابة لائقة.....سألته على استحياء عن حياته...وتمنت من أعماقها لو انه لا يذكر زوجته بشئ....فهي لا تريد أن تتخيل مجرد التخيل أن هناك أخرى تنعم به...غيرها...ولدهشتها...كانت اجابته مطابقة لاجابتها كم كان سؤالها....

ورحلت الكلمات..واختنق صوت الحب بين اضطراب قلبيهما....هو يريد ان يحتضنها بكل ما اوتي من قوة...وهي تريد أن تبكي على كتفه حتى تفنى دموعها....طال صمته...وهي تعودت منه دعوة الكلام....فقالت :
- أليس لديك شئ تقوله لي يا (ايهاب)؟!......اي شئ؟؟!!.....
لم يعد (ايهاب) كما كان...ذلك الشاب المفعم بالحياة المتماسك....كان في عينيها رجل منكسر....غطت مقتليه طبقة من الدموع.....بح صوته....ولكنه اجبره على الخروج وقال :
- عندي الكثير....الكثير من الكلام الذي...اختزنته طوال هذة السنين...كل ما اريد أن اقول لك....لكن...لم يعد مسموح لي أن أقوله بعد الآن...!!....

تألمت (سارة)..جرحت في اعماقها....عشر سنوات لم تغير (ايهاب)....عشر سنوات من الخيبة لم تغيره....لم تقويه...أنه كما هو...ذلك الجبان...الذي اختار الأستسلام...امام رفض أهله بزواجه بها....هو جبان...لا يملك الشجاعة حتى....ليقول ما يريد أن يقوله لها...لا يملك الشجاعة حتى ليخون من أجلها...ولو حتى مجرد خيانة باللسان....تطفئ نارها المستعرة كل تلك السنوات....بدأ جسدها يرتعش.....فحياتها الفارغة...أخيرا امتلأت بلحظة من رؤياه...ويريد أن يأخذها منها.....احاسيسها العطشى...للحظة خارج الزمان تجمعه بها....قد ماتت على اعتاب تمسكه الغبي بكل ما في حياته دونها...بكت....ارتعشت... صرخت.....غضبت.....رمت في وجهه نظرة غضب أخيرة...ورحلت...ولم يكن يملك الشجاعة ليلحق بها.....!!...

تمزق كيان (ايهاب).....واشتعل بداخله غضبه القديم رغما عنه....(سارة) لم تتغير.....ما تزال تلك القاسية....التي لا تشعر بثقل الحمل الذي يحمله على اكتافه....حين يراها ولا يمكنه ان يضرب بالدنيا عرض الحائط ويحتويها بين ذراعيه....لا تشعر ابدا...كم يعاني وهي أمامه ولا تستطيع يده أن تصلها...لا تشعر كم يتعذب كل ليلة وهو يتذكر لقاؤهما الأخير...فراقهما الذي ظنته باختياره...بينما لم يكن يستطيع حتى أن يفكر في اختيار آخر....كما لم يتخيل الحياة بدونها...لم يستطع أن يتحمل مجرد تخيلها بدون حياة!!...لا يمكن أن يحظى بها ويبني عليها حياته....فيتخلى من أجلها...عن الأعمدة التي تقف عليها نفسه وأيامه...سينهار كل شئ فوق رأسه وفوق رأسها....لم تفهم أبدا....أنه يتعذب أكثر منها...لأنها كانت تملك الأمل....وتنتظر أن يشمر عن ذراعيه ليعمل لأجلها...وحين فشل....رمت حمل بشاعة حياتها فوق أكتافه....بينما هو...كان عليه أن يحمل أحماله وأحمالها...فلم يكن ليعمل أحد لأجل حياتهما سواه...وقد فشل.....وعليه ان يحمل رصاصتها المسموة في قلبه إلى الأبد...نظرة اللوم....غضب عليها...لم تحمله كل هذا....لما لا تتفهم ألمه....لما لا يمكنها أن تستوعب أن حبه لها أكبر من حبها له....لما تظن دوما أنه يملك قلب من فصيلة مختلفة عن فصيلتها...ألأنها تستطيع ان تعبر عن نفسها حين تتألم بينما يحشو هو ألمه بداخله.....لم يستطع أن يتحمل غضبه...ظل يدق على الطاولة بقبضته حتى ارتفع ضجيجه..وبدأ الناس ينتبهون إليه....نهض مسرعا...وظل يزفر غضبه مع كل حفنة هواء خارجة من صدره......تلك الشوراع المجهولة....التي يغرقان فيها......

غرق الغضب الثقيل في أعماق (سارة)...وطفى على السطح الحنين....الحب الذي ما عرفت مثله (لايهاب)....نظرة عينيه الحالمة المتألمة....وعاد يغني قلبها بالحب....لم يكن لديها في حياتها ما يصبرها سوى حبه....فعادت إلى شاطئه فوق مركب الذكريات.....وتمنت لو انها تحكمت بغضبها...وتركته يجرحها كما يريد بجبنه المهم أن تبقى معه وقتا أطول....

واشتنشق (ايهاب)....عبير الحب من الأجواء....(سارة)....لم يخذلها جمالها.....كم هي رائعة...وهي تقف امامه كما لو انها خارجة من احلامه....وماذا يعني لو أنها لم تحمل جزءا من ألمه...الألم لا يناسبها...هو مستعد أن يحمل عنها كل الأحزان والآلام...لعلها تبقى دوما بابتسامتها الطفولية الساحرة....ليت الغضب لم يقيد رجليه إلى ذلك الكرسي العتيق..ليته لحقها وخان نفسه ولو ببضعة خطوات...ليرى وجهها لحظات أطول....

وتساءل الأثنان....أيمكن أن تجمعهما الأيام من جديد....وبقيت تلك الليلة في ذاكرة كل منهما وقرر كلاهما أن يعود لذلك المقهى لعله يحظى بلحظة أخرى....يتذوق فيها السعادة من الذكريات....

وليش ما تجمعهم
الله كريم
مشكورة

مشكورة على الموضوع

يسلمووووووووو دلال

شكرا لتواصلكم الدائم
ودمتم بخير