أبو وليد المدير العام
عدد الرسائل : 15849 العمر : 42 مكان الإقامة : منتدى شاعر الأحاسيس السٌّمعَة : 41 نقاط : 24000 تاريخ التسجيل : 24/10/2007
| موضوع: الشيخ مسلّم بن عبد الحليم بن علي بك العقاد الأحد 23 ديسمبر 2007 - 17:11 | |
| الشيخ مسلّم بن عبد الحليم بن علي بك العقاد ولد في دمشق القيمرية عام /1885 / م ورحل عنها إلى قرية التل مصطحبا معه شقيقاته الأربعة شفيقة وبدرية ورحيمة وفاطمة وذلك عام 1906 بعد وفاة والده وهناك تزوج زوجته الأولىآمنة الجمّول كماتزوج زوجته الثانية زكية الحافظ. وقد أنجبت له زوجته الأولى ثلاثة ذكور وابنتان أسماؤهم حسب تسلسل الأعمار: عائشة و محمد خيروفاطمة وأحمدموفق ومسلّم الذي ولدبعدوفاة والده سمي باسمه. كما أنجبت له زوجته الثانية طفل وابنتان أسماؤهم حسب تسلسل الأعمار: عبدالحليم وصبحية وآمنه. كان عبد الحليم أكبر أولاده رغم كونه من زوجته الثانية حياته: هو بحر من بحور العلم ,درس وبحث وجمع وألّف, ترك عدّة مؤلفات مخطوطة بخط يده في مختلف مجالات العلم وخاصة ما يتعلق منها بالعروض والشعر التي برع فيها وعلّمها للكثيرين الذين استهواهم هذا الفن , منهم انسباؤه الشيخ عبد الحفيظ الحافظ والشيخ عبد الكريم الحافظ وزوجته زكية الحافظ وأصدقاؤه الشيخ صالح عبيد والشيخ يوسف فرج وغيرهم كما ورث عنه هذا الفن ولده عبد الحليم العقاد الذي سيأتي ذكره لاحقا . ومن أجمل ما ترك من آثار كرّاس كتبه بخط يده يزيد عن الثلاثمائة ورقة جعل منها أقساما وأبوابا وضع فيها خلاصة علومه التي اكتسبها خلال حياته ,فإذا فتحت باب الفلك قرأت بإيجاز واختصار كل ما توصل إليه العلم في هذا المجال حتى ذلك الوقت , وإذا ولجت باب الطب والغذاء خرجت بنتيجة دوائية ناجعة, وإذا أردت أن تعرف عن عجائب الحيوان وجدت الكثير من الذي قرأه عن المهتمين بذلك مثل ابن بطوطة والجاحظ وغيرهما . وأما ما يتعلق باللغة العربية في كافة مجالاتها بدءاُ من النحو والصرف وما تركه ابن مالك في ألفيته وسيبويه وغيرهم , مرورا في فنون الخط والإملاء والقواعد والإعراب وانتهاء بالشعر والعروض التي فصلها أيما تفصيل وجعل لكل بحر من بحورها دائرة ضمنها الجوازات بأنواعها من حذف وقص وغبن وتجزئة ومثل وغير ذلك من تخميس وتثليث وسباعي ومجزوء ووافي ومطلق حتى غدت كالطلاسم أمام المثقفين في عصرنا كما وضمّن هذا الباب قصائد كثيرة مع مناسباتها وشرحها منها على سبيل المثال لا الحصر لامية ابن الوردي وهمزية البوصيري وبردته وقصة ابن الفارض التي بدأها بما كتب من الشعر على قبره: قف بالقرافة تحت ظل العارض واقر السلام عليك يا ابن الفارض ثم بدأ يجول في شعره بالعشق الإلهي ورقة غزله حتى ظن بعض الجاهلين أنها في العشق والغزل كقوله: أوميض برق بالا بيرق لاحا أم في ربا نجد أرى مصباحا أم تلك ليلى العامرية أسفرت فصيّرت المســـاء صباحا وقوله أيضا: ذكر العهود فأيقظ الطرف القذي صب بغير وصالكم لا يغتدي وقوله: أيها الراحل الميمم أرضي اقر من بعضي السلام لبعضي إنّ جسمي كما تراه بأرض وفـؤادي وســأكنيـه بأرض وكتب في هذا الباب أيضا فنونا من الشعر كالتثليث والتخميس والتسبيع منها تخميس الملاح في لامية ابن الوردي التي يقول فيها : لا تـذكرني شـمالا وصبا وفتاة نحوها القلب صبا وامح عن قلبي ولبي وصبا ودع الذكر لأيام الصبا فلأيام الصبا نجم أفل وكان إلى ذلك شاعرا وأديبا ولكنه لم يترك من الشعر المخطوط بيده سوى بيتين من الشعر على جدار مسجد التل الكبير جانب المدخل الشمالي الذي يصل إلى الموضأ ولا تزال هذه المخطوطة منحوتة ضمن دائرة ومذيلة بتوقيعه إلى يومنا هذا :وهذا هو التوقيع: وأما البيتين فهما: الله قال ير الإنسان ما عمـلا ضعفا ومن فضله للمحسنين غنى لذا بنى أحمد القرقور مسجدنا وأرّخوا......يحظ من لله يرج بنا وكانت الغاية من هذين البيتين هي تدوين تاريخ بناء مسجد التل الكبير , فإذا رجعنا إلى الحسابات من خلال قيم الأبجدية الرقمية والمضبوطة بالبيت التالي: أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ يكون حسابها كما يلي: 1-2-3-4-5-6-7-8-9-10-20-30-40-50-60-70-80-90-100-200-300-400-500-600-700-800-900-1000- ويعطينا البيت التالي فكرة عن قيم الحروف: الدال والذال في التكوين واحدة والدال أربعة والذال سبعمائة ولمعرفة تاريخ بناء المسجد نأخذ الكلمات التي بعد كلمة (أرخوا) وهذه الكلمات هي (يحظ من لله يرج بنا )ونضع القيمة الرقمية لأحرفهاونجمعها فنحصل على التاريخ: 10+8+900+40+50+30+30+5+10+200+3+2+50+1 ي+ ح+ ظ + م + ن + ل +ل+ ه+ ي+ ر + ج+ ب+ن+ ا وبالجمع يكون تاريخ بناء مسجد التل الكبير هو ( 1339 )هجري أي ما يقابل عام ( 1921 ) ميلادي . ومع ذلك فلم استطع الحصول على منظومات شعرية من تأليفه بالرغم مما حفظ عنه معاصريه فقد اقتصرت شهرته على مجال التربية والتعليم حيث أنه أول من أسس مدرسة في التل واتسعت شهرتها حتى استقطبت طلاب العلم من كافة القرى المحيطة بالتل . أحب اللغة العربية حبا لا ينازعها فيه حب أي أمر من أمور الحياة , وكان لا يترك فرصة يقدم فيها لأولاده معلومة أو فائدة لغوية إلا استغلها . وتحضرني هنا نادرة طريفة : فبينما كان يتناول الغداء مع أسرته ينتهي ولده محمد خير من الطعام ويرجع عن المائدة فيسأله أحد الحضور ( شبعت؟) فيجيب محمد خير باللغة الفصحى (نعم شبعت) وكعادته سأله الشيخ مسلّم إعرابها فأخفق فأحال السؤال إلى ولده عبد الحليم فأخفق ثم أحال السؤال إلى كبرى أولاده عائشة فأخفقت أيضا فثار الشيخ وغضب وجمع أولاده الثلاثة وربطهم إلى عمود في أرض الدار وحكم عليهم أن يبقوا ثلاثة أيام لا يفك وثاقهم إلا لحاجة ولكن القدر ساق إليهم عمتهم بدرية التي شفعت لهم عند أخيها فحل وثاقهم . ولقد حفظ عنه أولاده الكثير من شعر الاقدمين اقتطفها من قصائد طويلة لما فيها من مواعظ وحكم ,فمثلا يروي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ) ويقول أعطني بيتا بذات المعنى ثم يخبرهم عن قول أبو تمام: إذا لم تخش عاقبة الليالي ولم تستحي فاصنع ما تشاء وفي بيت آخر يحذر أبناءه من الغرور والاطمئنان إلى رغد العيش ورخائه يقول أبو البقاء الرندي: لكل شيء إذا ما تم نقصـان فلا يغرّ بطيب العيش إنسان هي الأمور كما شاهدتها دول من سرّه زمن ساءته أزمان ومن الشعر الساخر حفظوا عنه من أشعار الاقدمين: إن كنت لا تدري فتلك مصيبة أو كنت تدري فالمصيبة أعظم وبنفس المعنى: وأعظم من هذا وأكبر نكبة أنك لا تدري بأنك لا تدري وفي الشعر الساخر أيضا : ليهنك أن لي ولد وعبـد سواء في المقال وفي المقام فهذا سابق من غير سـين وهذا عاقــل من غير لام وفي مجال نصرة الأخ لأخيه : أخاك أخاك إن من لا أخا له كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاح وفي مجال الاجتماع والوحدة والتاّلف والتنا صر: كونوا جميعا يابني إذا اعتـرى خصم ولا تتفرقوا آحادا تأبى العصي إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت آحادا وفي مقام العلم والتعليم وتوقير المعلم : قـم للمعلــم وفّـه التبجيـلا كاد المعلم أن يكون رسولا أرأيت أعظم أو أجل من الذي يبني وينشئ أنفسا وعقولا ومن قصيدة أخرى: طغى فضل أستاذي على فضل والدي وإن زاد ني عزا وإن زاد ني شرف فهـذا مربي الـروح والروح جوهر وهذا مربي الجسم والجسم كالصدف حياته الخاصة ولد كما جاء في المقدمة في مدينة دمشق حي القيمرية ورحل عنها مع شقيقاته الأربعة إلى قرية التل حيث امتلك هناك قطعة أرض صغيرة يمر فيها ساقية ماء من عين منين في بقعة تسمى الوسعة قرب معصرة الدبس ,أقام فيها مسكنه الذي لا يزال في مكانه إلى يومنا هذا وترك الساقية تمر وسط الدار وكان فوق مسكنه على مجرى الساقية شلال صغير كانوا يطلقون عليه اسم الخرار,وقد اتخذ منه الشيخ مسلّم مكانا للطهارة بأنواعها من وضوء وغسل وغيره لأن وضعه وسقوط الماء من ارتفاع قامة الإنسان على مجرى الساقية يجعل هذه الأمور يسيرة. كانت حياته مليئة بالكفاح والجهاد وكان مربيا ومعلما كرّس كلّ وقته لخدمة العلم , وفي عام / 1926/ م / 1344/ هجري أصابته رصاصة غادرة أطلقها عليه أحد جنود الاحتلال الفرنسي بينما كان يتوضأ لصلاة الفجر كعادته في (الخرار) فكان الخطب الجلل على التل وما حولها بفقد قطب من أقطاب العلم والمعرفة , وعلم من أعلام الفقه والسيرة والحديث. | |
|